responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 414
الْوُقُوفُ فِي مَوْضِعِهِ لَا زَمَانِهِ فَقَالَ بِكَلِمَةٍ دلالتها على الموضع والمكان أظهر. ثم قال تعالى:

[سورة الواقعة (56) : الآيات 51 الى 55]
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55)
فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْخِطَابُ مَعَ مَنْ؟ نَقُولُ: قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ مَعَ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَامٌّ مَعَ كُلِّ ضَالٍّ مُكَذِّبٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي مَوَاضِعَ، وَهُوَ تَمَامُ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ تُعَذَّبُونَ بِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ مِنَ الْعَذَابِ.
الْمَسْأَلَةُ الثانية: قال هاهنا: الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ بِتَقْدِيمِ الضَّالِّ وَقَالَ فِي آخِرِ السُّورَةِ: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ [الْوَاقِعَةِ: 92] بِتَقْدِيمِ الْمُكَذِّبِينَ، فَهَلْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ؟ قُلْتُ: نعم، وذلك أن المراد من الضالين هاهنا هُمُ الَّذِينَ صَدَرَ مِنْهُمُ الْإِصْرَارُ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ، فَضَلُّوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ وَلَمْ يُوَحِّدُوهُ، وَذَلِكَ ضَلَالٌ عَظِيمٌ، ثُمَّ كذبوا رسله وقالوا: أَإِذا مِتْنا فَكَذَّبُوا بِالْحَشْرِ، فَقَالَ: أَيُّهَا الضَّالُّونَ الَّذِينَ أَشْرَكْتُمْ: الْمُكَذِّبُونَ الَّذِينَ أَنْكَرْتُمُ الْحَشْرَ لَتَأْكُلُونَ مَا تَكْرَهُونَ، وَأَمَّا هُنَاكَ فَقَالَ لَهُمْ: أَيُّهَا الْمُكَذِّبُونَ الَّذِينَ كَذَّبْتُمْ بِالْحَشْرِ الضَّالُّونَ فِي طَرِيقِ الْخَلَاصِ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ إِلَى النَّعِيمِ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْخِطَابَ هُنَا مَعَ الْكُفَّارِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ضَلَلْتُمْ أَوَّلًا وَكَذَّبْتُمْ ثَانِيًا، وَالْخِطَابُ فِي آخِرِ السُّورَةِ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَيِّنُ لَهُ حَالَ الْأَزْوَاجِ الثَّلَاثَةِ فَقَالَ: الْمُقَرَّبُونَ فِي رَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وجنة ونعيم، وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سَلَامٍ، وَأَمَّا الْمُكَذِّبُونَ الَّذِينَ كَذَّبُوا فَقَدْ ضَلُّوا فَقَدَّمَ تَكْذِيبَهُمْ إِشَارَةً إِلَى كَرَامَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ بَيَّنَ أَنَّ أَقْوَى سَبَبٍ فِي عِقَابِهِمْ تَكْذِيبُهُمْ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ هُنَاكَ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ [الْوَاقِعَةِ: 91] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مَا الزَّقُّومُ؟ نَقُولُ: قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَاخْتَلَفَ فِيهِ أَقْوَالُ النَّاسِ وَمَآلُ الْأَقْوَالِ إِلَى كَوْنِ ذَلِكَ فِي الطَّعْمِ مُرًّا وَفِي اللَّمْسِ حَارًّا، وَفِي الرَّائِحَةِ مُنْتِنًا، وَفِي الْمَنْظَرِ أَسْوَدَ لَا يَكَادُ آكِلُهُ يُسِيغُهُ فَيُكْرَهُ عَلَى ابْتِلَاعِهِ، وَالتَّحْقِيقُ اللُّغَوِيُّ فِيهِ أَنَّ الزَّقُّومَ لُغَيَّةٌ عَرَبِيَّةٌ دَلَّنَا تَرْكِيبُهُ عَلَى قُبْحِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ زق لَمْ يَجْتَمِعْ إِلَّا فِي مُهْمَلٍ أَوْ فِي مَكْرُوهٍ مِنْهُ مَزَقَ، وَمِنْهُ زَمَقَ شَعْرُهُ إِذَا نَتَفَهُ، وَمِنْهُ الْقَزْمُ لِلدَّنَاءَةِ، وَأَقْوَى مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَافَ مَعَ كُلِّ حَرْفٍ مِنَ الْحَرْفَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ يَدُلُّ عَلَى الْمَكْرُوهِ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ، فَالْقَافُ مَعَ الْمِيمِ قُمَامَةٌ وَقُمْقُمَةٌ، وَبِالْعَكْسِ مُقَامِقٌ، الْغَلِيظُ الصَّوْتِ وَالْقُمْقُمَةُ هُوَ السُّورُ، وَأَمَّا الْقَافُ مَعَ الزَّايِ فَالْزَّقُّ رَمْيُ الطَّائِرِ بِذَرْقِهِ، وَالزَّقْزَقَةُ الْخِفَّةُ، وَبِالْعَكْسِ الْقَزْنُوبُ فَيَنْفِرُ الطَّبْعُ مِنْ تَرْكِيبِ الْكَلِمَةِ مِنْ حُرُوفٍ اجْتِمَاعُهَا دَلِيلُ الْكَرَاهَةِ وَالْقُبْحِ، ثُمَّ قُرِنَ بِالْأَكْلِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ طَعَامٌ ذو غضة، وَأَمَّا مَا يُقَالُ بِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: زَقَمْتَنِي بِمَعْنَى أَطْعَمْتَنِي الزُّبْدَ وَالْعَسَلَ وَاللَّبَنَ، فَذَلِكَ لِلْمَجَانَةِ كَقَوْلِهِمْ: أَرْشَقَنِي بِثَوْبٍ حَسَنٍ، وَأَرْجَمَنِي بِكِيسٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَقَوْلُهُ: مِنْ شَجَرٍ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ أَيْ تناولكم منه،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 414
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست